لي تحفظات منطقية على انتخابات اللجنة الأولمبية اليمنية في الكويت، لكنها على كل حال لن تقف حجر عثرة بيني و بين تهنئة الأخ العزيز خالد خليفي الفائز بمنصب النائب الأول للجنة الأولمبية.
من الأهمية بمكان إلقاء التحفظات خلف ظهري، فليس من الذوق أن أذم عريسا ليلة عرسه، و العريس الجديد للجنة الأولمبية بالطبع ليس الأكوع النائم و لا الأهجري العائم، إنه خالد خليفي الرجل الذي يشبه المارد الخارج للتو من قمقم مصباح علاء الدين.
و إذا كانت قائمة محمد الأهجري قد حوت الكثير من (الغث) في لجنته ذات الطابع التراثي، إلا أن أهم و أجمل ما فيها أنها أنصفت قياديا رياضيا جنوبيا دخل الانتخابات مغمورا و خرج منها مشهورا، و من يكون غير خالد خليفي الذي انتصب كالطود الشامخ، في يمينه عطاياه و في يساره ضحاياه.
إناء مجلس اللجنة الأولمبية الجديد ينضح بما فيه من شخصيات هلامية و أخرى كرتونية تمضغ الفشل من زمان بنظام (لبان أبو حربة)، لكن أحلى ما فيها هذا الخليفي العدني المنشأ المعجون بشهامة أهل شبوة.
الفارق بين خالد خليفي و غيره من رؤساء الاتحادات الرياضية كبير، لكن يمكن اختزاله في قدرة خالد خليفي على التفكير و الابتكار و تجديد الذات.
أصعب شيء يمكن أن يمارسه الإنسان هو التفكير، و خالد خليفي أفقه القيادي لا ينسد و لا يقف عند فضاء معين، و لأنه يمارس التفكير كدليل حياة حسب وصية الفيلسوف (ديكارت)، فإنه يتنقل من محطة نجاح إلى أخرى بسلاسة، و يرتقي سلم القيادة الرياضية بثقة ملك يمشي واثق الخطوة دون أن يخشى المسالك و الانزلاقات.
مزايا خالد خليفي القيادية على أي حال كثيرة و جلها حميدة، فقط يلزمه في مرحلة دقيقة كهذه المضي وفقا وميثاق اللجنة الأولمبية الدولية، و هذا يعني لا مهادنة مع الفاشلين و الخاملين، و لا تراخ مع من يسيسون اللجنة من تحت عباءة عبد الرحمن الأكوع النائم في كهف النسيان، و محمد الأهجري الذي يبل ميثاق الشرف الأولمبي منذ عقدين و يشرب ماءه، و يعتمد في عمله على سياسة حجر وسيري سائرة و لا تكوني حائرة.
و يا عزيزي (خالد) الجمع بين مناصب كثيرة مرهق لمن يفكر و يبتكر و يخطط، و الهجوم الشامل على كل الجبهات فيه استنزاف للصحة و إرهاق نفسي للبدن، و مهما كنت خارقا مثل (السوبر مان)، فلا يمكنك أن تضيء كل المساحات المعتمة، تماما مثلما أنه لا يمكنك أن تهادن طويلا و تتقن سياسة مسك العصا من المنتصف.
أنصحك بترتيب الأولويات و الابتعاد عن (التبعية) حتى ولو كنت أنت قائدها، لسبب بسيط يا (خالد) :
الدنيا دوارة و الصحن يدور و ما يصلح لترويض هذه المرحلة الانتقالية الصعبة لن يكون متاحا في الغد، الأهم الوضوح و الشفافية و عدم دخول متاهة الحسابات السياسية المعقدة.
الله يعينك يا (خالد) على العمل الأولمبي ضمن قوام مجلس زاخر بأكثر من نطيحة، و حافل بأكثر من متردية و مشحون بأكثر من نائحة مستأجرة و بالطبع النائحة المستأجرة ليست كالنائحة الثكلى.
لا مقارنة يا (خالد) بين سابقك و تاليك، و لا وجه للمفاضلة بين ماض كنت تلعب فيه مباريات من الحجم المتوسط، و حاضر ملعبه مليء باللاعبين الذين تستهويهم سياسة العرقلة من الخلف، فأنت الآن صرت لاعبا عليك أن تحسب حسابا للمباريات الصعبة التي تلعب على الجزئيات الصغيرة.
في الماضي كنت مجرد رئيس اتحاد ضمن طيف لا يمكن فصله عن الكم، أما الحاضر فأنت الرجل الأول تقريبا في اللجنة الأولمبية، إذا أخذنا في الاعتبار أن (الأكوع) محنط و أن الأهجري مجرد شاقي على بطنه، و في أحسن الأحوال بائع ماء في حارة السقايين.
خلي بالك يا (خليفي) و تذكر هذه الحقيقة الكفيلة بتأليب الفاشلين ضدك:
إنك تقتحم مسرحا كبيرا لا أخلاق فيه إلا من رحم ربي، تقترب بسرعة الصاروخ من عش الدبابير فاحرص على التدابير، تدخل ملعبا مليء بالراقصين على رؤوس الثعابين فاحذر من اللدغات و لو جاءت في قالب من الكلام المعسول.
احذر يا (خالد) مليون مرة من الذين تظنهم اليوم أقرب إليك من رابطة عنقك:
دخلت الانتخابات مغمورا بالكاد تقرأ طلاسم الحبكة الدرامية، و خرجت منها رقما صعبا منتصرا و مشهورا، و عندما ترى الديناصورات العتيقية أنك مهندس الانتخابات و من حرف بوصلتها إلى الاتجاه الذي لا يريدون، فاعلم أن بين السابق و المسبوق نفخة بوق، و قد قيل إن الحذر أهم مليون مرة من الشجاعة، سلام يا صاحبي.
نقلا عن صحيفة الأيام
