
شووت – كووورة
ما يزال الشارع الكروي المغربي يعيش على وقع الصدمة بعد المشهد المؤلم الذي رافق خروج القائد أشرف حكيمي مصابًا في كاحله خلال مباراة فريقه باريس سان جيرمان أمام بايرن ميونخ في دوري أبطال أوروبا.
اللقطة التي غادر فيها نجم “الأسود” ملعب “حديقة الأمراء” وسط دموعه، أشعلت القلق في قلوب الجماهير المغربية التي تنتظر على أحرّ من الجمر معرفة نتائج الفحوصات الطبية التي خضع لها نجم المنتخب، خصوصًا مع اقتراب انطلاق بطولة كأس أمم أفريقيا 2025 بالمغرب، بعد نحو ستة أسابيع فقط.
ووفقًا لمصادر خاصة من باريس، توصل “كووورة” بمعطيات حصرية تخصّ حالة الظهير الأيمن المغربي، وسط مؤشرات أولية تميل إلى التفاؤل، وإن كانت الحذر ما يزال سيد الموقف في انتظار التقرير الطبي النهائي.
إصابة مألوفة وتاريخ من الصمود
ما حدث لحكيمي في مواجهة بايرن ميونخ ليس جديدًا على مسيرته، إذ عاش اللاعب مواقف مشابهة في أكثر من محطة.
كما أن زميله في المنتخب نصير مزراوي مرّ بتجربة قريبة حين كان لاعبًا لبايرن قبل عامين، حيث أجرى جراحة في نفس المنطقة من الكاحل قبيل كأس أمم أفريقيا في كوت ديفوار، وغاب حينها عن مرحلة المجموعات قبل أن يعود في الدور الثاني أمام جنوب أفريقيا. ورغم غيابه الطويل، أصر المدرب وليد الركراكي على ضمه إلى القائمة، لإيمانه بأهميته داخل المجموعة.
اللافت أن حكيمي نفسه عاش السيناريو ذاته قبل نسخة أمم أفريقيا 2019 في مصر، حين خضع لجراحة مماثلة وهو لاعب في صفوف بوروسيا دورتموند على سبيل الإعارة من ريال مدريد. وقتها امتدت فترة النقاهة إلى شهر ونصف، لكنه تمكن من اللحاق بالبطولة في اللحظة الأخيرة.
بل وحتى في كان الكاميرون 2021، عانى حكيمي من إصابة في الكاحل ذاته، لكنه شارك في النهائيات وقدّم أداءً مميزًا رغم معاناته، ما جعله رمزًا للصلابة والإصرار داخل صفوف “أسود الأطلس”.
كل هذه السوابق تدفع كثيرين داخل المعسكر المغربي إلى الاطمئنان نسبيًا بشأن جاهزية القائد في النسخة المقبلة، خاصة أن المؤشرات الطبية الأولى من باريس توصف بـ”المطمئنة”.
مصادر مطمئنة وتقارير أولية مبشرة
مصدر داخل نادي باريس سان جيرمان كشف لـ”كووورة” أن نتائج الفحص الأولي لم تكن حاسمة بسبب تورم الكاحل، وهو ما يمنع الرؤية الدقيقة عبر الرنين المغناطيسي.
وأوضح المصدر أن الفريق الطبي قرر انتظار 72 ساعة لزوال التورم ووقف النزيف الداخلي قبل إجراء الفحص النهائي لتحديد نوع الإصابة بدقة.
لكن رغم هذا التريث، فقد أظهرت المؤشرات الأولية عدم وجود كسر أو قطع في الأربطة، وهو ما يعدّ خبرًا جيدًا للغاية، إذ يعني أن الإصابة تقتصر على تمزق في الأنسجة.
وأكد المصدر ذاته أن حكيمي تمكّن من مغادرة الملعب على قدميه مستندًا إلى عكازين، وأنه طمأن المقربين منه بعد وصوله إلى المصحة، في تناقض واضح مع المشهد الدرامي الذي بدا عليه وهو يغادر أرضية الملعب باكيًا.
القدرة على الوقوف والمشي – وإن بمساعدة – تبقى مؤشرًا إيجابيًا على أن الإصابة ليست بالغة الخطورة، لكن الحكم النهائي سيصدر فقط بعد الفحص بالرنين المغناطيسي الكامل.
الركراكي في حالة استنفار.. وخطة بدائل جاهزة
على الجانب المغربي، يعيش الجهاز الفني للمنتخب بقيادة وليد الركراكي حالة من الاستنفار الكامل منذ لحظة إصابة حكيمي. المدرب كان على تواصل مباشر مع اللاعب ومع رئيس الاتحاد المغربي لكرة القدم، لمتابعة تطورات حالته أولاً بأول، وسط اهتمام رسمي وشعبي كبير، بالنظر إلى مكانة حكيمي داخل المنتخب كقائد وروح للفريق.
الركراكي كان قد استبق مثل هذه المواقف الطارئة بإعداد قائمة موسعة من 55 لاعبًا تضم بدائل لكل مركز، بواقع خمسة لاعبين لكل موقع في الملعب. وبالتالي فإن الخيارات لتعويض حكيمي – ولو مؤقتًا – جاهزة مسبقًا ضمن خطة الطوارئ التي وُضعت قبل البطولة.
البديل الأول في حسابات المدرب هو محمد الشيبي، نجم بيراميدز المصري، الذي سبق أن عوّض حكيمي في تصفيات كأس العالم الأخيرة، وتحديدًا في مباراة زامبيا، ونال إشادة الركراكي بفضل انضباطه وحضوره القوي في الجانبين الدفاعي والهجومي.
الخيار الثاني يتمثل في عمر الهلالي، لاعب إسبانيول، الذي يقدم مستويات لافتة هذا الموسم في الدوري الإسباني. المدرب المغربي تحدث عنه سابقًا بإعجاب، مشيرًا إلى أنه لاعب بمواصفات “راقية” لكنه وُجد في زمن حكيمي، ما صعّب عليه نيل فرصة أكبر مع المنتخب.
أما الخيار الثالث فهو نصير مزراوي، لاعب مانشستر يونايتد الإنجليزي، القادر أيضًا على شغل مركز الظهير الأيمن بخبرة كبيرة، وإن كان يلعب غالبًا في الجهة اليسرى رفقة المنتخب.
وفي حال تأكد غياب حكيمي لأسابيع محدودة فقط، فإن الخطة البديلة التي تميل إليها الجامعة المغربية هي استقدامه إلى مجمع محمد السادس بالرباط للخضوع لمرحلة العلاج والتأهيل تحت إشراف الجهاز الطبي الوطني، وهي تجربة أثبتت نجاحها سابقًا مع لاعبين آخرين.
تفاؤل حذر وأمل مغربي
كل المعطيات الحالية تشير إلى أن إصابة حكيمي – رغم قسوتها – لا تبدو خطيرة بالدرجة التي تهدد مشاركته في كأس أفريقيا. السيناريو الأقرب بحسب المصادر هو غيابه عن دور المجموعات فقط، على أن يكون جاهزًا لمرحلة الأدوار الإقصائية إذا سارت عملية التأهيل كما هو مخطط لها.
الجماهير المغربية، التي صدمت بمشهد القائد المتألم، تتشبث بالأمل في رؤيته يقود “الأسود” من جديد في الكان على أرضه وبين جماهيره، في بطولة ينتظرها الجميع كموعد للتتويج المنتظر.
وبين التفاؤل الحذر والدعوات المتواصلة، يبقى ملف حكيمي الحدث الأبرز في الساحة الكروية المغربية حتى صدور التقرير الطبي الحاسم من باريس.
