
شووت – كووورة
لا شك أن نتائج المنتخب السعودي تؤثر بشكل مباشر على مسابقات كرة القدم في المملكة، لا سيما إذا كان الأمر يتعلق بالتأهل إلى بطولة كبرى مثل كأس العالم، أو النتائج التي تتحقق فيها.
ومن بين المسابقات التي تتأثر دائمًا بنتائج “الأخضر”، بطولة الدوري السعودي، البطولة الأولى في المملكة، التي تُسهم مباشرة أو بشكل غير مباشر في ارتفاع مستوى المنتخب أو انخفاضه.
ما قبل ثورة النجوم
منذ تأهل المنتخب السعودي إلى كأس العالم لأول مرة في 1994، لم تغب شمسه عنها سوى في مناسبتين: 2010 و2014.
وتزامن ذلك الغياب مع تطبيق دوري المحترفين بداية من موسم 2008-2009، الذي أقر الاعتماد على 4 أجانب لكل فريق.
ورغم الانتقادات التي طالت الدوري السعودي في ذلك الحين، زاد عدد الأجانب إلى 7، مع السماح بمشاركة 6 فقط منهم في المباراة الواحدة.
وانتهت نغمة تأثير العناصر الأجنبية على مستوى المنتخب السعودي، بعد تأهله إلى كأس العالم مرتين متتاليتين في 2018 و2022، وتحقيقه انتصارًا في كل نسخة، على حساب منتخبي مصر والأرجنتين.
دوري النجوم
مع نهاية كأس العالم في قطر، يوم 18 ديسمبر/كانون الأول 2022، بدأ عصر جديد في الدوري السعودي، بالتزامن مع تعاقد النصر مع النجم البرتغالي كريستيانو رونالدو، في يناير/كانون الثاني 2023، في صفقة انتقال حر، بعد فسخ عقده مع مانشستر يونايتد.
انتقال رونالدو أتبعته عدة خطوات، منها استحواذ صندوق الاستثمارات العامة السعودي على 75% من أسهم أندية الهلال والنصر والاتحاد والأهلي، وفتح الباب أمام المستثمرين للاستحواذ على باقي الأندية السعودية.
غير أن التغيير الأهم جاء في صيف 2023، عندما ارتفع عدد اللاعبين الأجانب المسموح بهم في كل نادٍ إلى 8، قبل أن يرتفع العدد إلى 10، بينهم 2 تحت 23 عامًا، مع السماح بمشاركة 8 لاعبين فقط في كل مباراة، منذ بداية الموسم الماضي.
وبذلك، أصبحت غالبية الفرق تشرك 3 لاعبين فقط من المحليين في كل مباراة، لتتقلص قائمة الأساسيين الذين يمكن الاختيار من بينهم إلى 54 لاعبًا، بالإضافة إلى بعض اللاعبين البدلاء الذين يشاركون باستمرار.
ومع الاعتبار بأن هذا القرار لا يسري على كأس خادم الحرمين الشريفين والبطولات الآسيوية، فقد أصبحت بعض الأندية تشارك في تلك البطولات بفريق كامل من اللاعبين الأجانب، دون وجود أي لاعب سعودي.
فشل دولي
بالتزامن مع هذا التغيير الجذري في شكل الدوري السعودي، وزيادة عدد اللاعبين الأجانب، كان المنتخب السعودي يقدم أسوأ نتائجه في المسابقات التي يشارك فيها.
“الأخضر” ودع بطولة كأس الخليج العربي 2023 من دور المجموعات بعد التعرض لهزيمتين، كما ودع نفس البطولة في 2024 من الدور نصف النهائي لصالح منتخب عمان، مع العلم بأنه كان أول دور يأتي بعد دور المجموعات.
كما تم إقصاء المنتخب السعودي من بطولة كأس آسيا التي أقيمت مطلع عام 2024 من دور الـ16، لصالح منتخب كوريا الجنوبية.
وانتهى مسلسل الفشل الدولي بوداع بطولة الكأس الذهبية 2025 في الولايات المتحدة الأمريكية من الدور ربع النهائي، وهو الدور التالي للمجموعات أيضًا، عقب الهزيمة من المكسيك بثنائية نظيفة.
معضلة المونديال
غير أن كل هذه النتائج السلبية في كفة، ومسألة التأهل إلى كأس العالم في كفة أخرى.
المنتخب السعودي الذي تأهل إلى كأس العالم 2018 و2022 بشكل مباشر، فشل تكرار ذلك، وتعثر في التصفيات بعد ثورة الدوري السعودي في 2023.
ومع الأخذ في الاعتبار ارتفاع عدد المقاعد الآسيوية التي تشارك في كأس العالم 2026 إلى 8 مقاعد ونصف، بعد زيادة عدد منتخبات المونديال إلى 48، فإن عدم تأهل الأخضر مباشرةً يمثل صدمة كبرى للجميع. والآن ينافس في الملحق الآسيوي.
غير أن هذه الصدمة لا يمكن أن تُقارن إذا واصل المنتخب السعودي نتائجه السلبية، وفشل في التأهل إلى كأس العالم 2026 من الملحق الآسيوي، وستتضاعف الصدمة إن امتدت معاناته للمواجهات الفاصلة، والملحق العالمي بعد ذلك.
مستقبل مظلم
مع كل تعثر في المرحلة الثالثة من تصفيات كأس العالم 2026، كان يُشار بالبنان إلى الدوري السعودي ونظامه الجديد على أنه السبب في هذا التعثر، في ظل زيادة عدد الأجانب بشكل غير مسبوق.
وإذا تبع تلك التعثرات فشلٌ في التأهل إلى كأس العالم من الملحق الآسيوي سترتفع موجة الانتقادات بشكل كبير، لتزيح في طريقها كل من يدافع عن النظام الجديد من الدوري السعودي.
في تلك الحالة، ستصبح تلك الانتقادات محل اعتبار، لأن الهدف من الدوري السعودي، شأنه شأن أي دوري آخر، هو خدمة المنتخب ومنحه القدرة على التنافس في أعلى المستويات.
وإذا كان المنتخب السعودي غير قادر على العبور من المونديال عبر الملحق، بعد أن كان قادرًا على ذلك بشكل مباشر في آخر نسختين، فإن المسؤولين قد يعيدون النظر في مسألة نظام الدوري السعودي وعدد الأجانب فيه.
لذا ستكون مباراتا المنتخب السعودي ضد إندونيسيا والعراق المقبلتين في المحلق الآسيوي، بمثابة المرافعة التي سيقدمها هيرفي رينارد ولاعبوه من أجل إخراج دوري روشن من قفص الاتهام، وإنقاذه من حكم قد يقضي على تطوره لوقت طويل.